مقدمة التقرير : يصدر هذا التقرير عن مركز دراسات مشاركة المرأة العربية التابع لهيئة المرأة العربية بثلاث لغات هي العربية والانكليزية والفرنسية ويوزع على منظمات الأمم المتحدة ومراكز الأبحاث والجامعات والحكومات منذ خمسة عشر عاما،
تولي هيئة المرأة العربية اهتماما كبيرا للعمل من اجل انتظام صدور التقرير السنوي لقياس مدى تقدم أو تراجع مشاركة المراة العربية في هيئات صنع القرار لما لذلك من دور في التحفيز على ممارسة المرأة لحقوقها المقررة وفقا للدساتير والقوانين النافذة في كل بلد عربي.
ويعتمد التقرير على ثلاثة مؤشرات كمعيار لقياس مدى تطور أو تراجع حجم تلك المشاركة وهذه المؤشرات هي:
اولا: حجم مشاركة المراة العربية في المجالس النيابية المنتخبة ( البرلمان) أو عضوية المجالس الاستشارية المعينة في بعض البلدان وهو انعكاس لعاملين مهمين هما مدى قدرة المرأة على اعتمادها على القوة الذاتية التنافسية لها في الانتخابات العامة وكذلك حجم تواجدها بفعل اعتماد الحكومات قوانين ملزمة بنسبة محددة للنساء في البرلمان ( الكوتا ).
وهذا يجسد الإرادة السياسية في دعم وتمكين المرأة من دخول البرلمان واعتياد المجتمع على حضورها في أعلى سلطة تشريعية واكتسابها مهارات مناقشة القوانين والتصويت عليها خصوصا تلك التشريعات ذات الصلة بقضايا المراة والاسرة والطفل والأحوال الشخصية.
ثانيا : مؤشر حجم تواجدها في عضوية المجالس الوزارية ( الحكومات) ولا سيما توليها مناصب سيادية أو مناصب ذات تاثير وليس اقتصارها على تولي وزارات المرأة والأسرة والأمومة.
ثالثا : وهذا المؤشر يقيس حجم حضورها في مناصب مهمة اخرى مثل وكيل وزارة أو محافظ أو والي منطقة أو مديرة جامعة وما شابه ذلك مثل قيادتها للنقابات المهنية أو قيادة الأحزاب السياسية.
الحقيقة التي باتت عنصرا ثابتا في مدى تقييم النظم السياسية المعاصرة على الساحة العالمية وفي المنظمات الدولية هو مدى تقدم مساهمة المرأة في التنمية المستدامة وقياس مدى الانفتاح الاجتماعي وتقبل مشاركة المراة هو معيار لقياس ديموقراطية وحقوق الانسان وتمدن المجتمعات.
اننا نشير باعتزاز كبير الى ان مسار تقدم مشاركة المراة العربية في هيئات صنع القرار تسير بخطى ثابتة نحو الأفضل وشهدت بلدان عربية تطورا ملفتا للنظر ويدعوا للفخر في حجم تمكين المرأة في المجالس النيابية مثلما حصل في دولة الإمارات العربية المتحدة من إقرار قانون ملزم يجعل نسبة تمثيل النساء في البرلمان مناصفة بواقع خمسون بالمئة مما جعلها الاول عربيا والترتيب الثالث عالميا بعد رواندا و نيكاراغوا ،
وكذلك خذت بلدان عربية عدة في إقرار نسب ملزمة للنساء لا تقل عن الربع من عضوية البرلمانات.
صحيح ان من يقول بان الكوتا تدفع النساء الى الكسل وعدم تطوير الذات وبناء القدرات للمشاركة في المنافسة الانتخابية في التصويت ولكن ينبغي إدراك طبيعة المجتمعات العربية وحداثة انخراط النساء في الانتخابات البرلمانية ويحتاج المجتمع العربي الى اعتياد رؤية المرأة ناجحة ومتألقة ومخلصة في تادية مهامها الوظيفية تدريجيا حتى يمكن إلغاء نظام الكوتا والذي يعتبر تدبير قانوني مؤقت وليس دائم.
وهناك مثلا حي على ذلك هو إقرار البرلمان العراقي قانون كونا للنساء بنسبة 25% وبعد اربعة تجارب انتخابية والثقة بقدراتها ومنجزها تمكنت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة من تجاوز النسبة المئوية المقررة الى 29% بالقوة التصويتية والتنافس الحر مما يؤكد صوابية الراي القائل بأن الكوتا عامل تحفيز إيجابي مؤقت.
خلاصة التقرير
تبقى قضية المشاركة السياسية للمرأة في هيئات صنع القرار وتقييم الفرص المتاحة امامها للوصول إلى هذه المناصب القيادية من القضايا التي تحتاج الى مقاربة غير تقليدية في التعاطي معها قادرة على نسج روابط وأبعاد تنموية واقتصادية وسياسية تاخذ بتفعيل التمكين السياسي والعمل على بناء قدرات ومهارات المرأة الادارية.
ان تمثيل المرأة يعد عاملا مهما للارتقاء بقضية المساواة وتقليص الفجوة بين الجنسين عند تولي الوظيفة العمومية وعلى الرغم من اتخاذ كثير من التدابير والاجراءات وفي مقدمتها إقرار( كوتا للنساء) من أجل تسهيل نفاذ المرأة الى البرلمانات الوطنية والمجالس المحلية في غالبية الدول العربية الا ان هذا ما زال غير كافية للتصدي للتفاوت الكبير في نسبة تمثيل النساء.
ان ابرز الدروس المستخلصة من بلدان غير عربية هو ان المشاركة السياسية تواجه تحديا رئيسيا يتعلق في كيفية تحويل المؤسسات ونظم الحكم الفرعية والاقتصادية عن طبيعتها الذكورية، فعلى سبيل المثال فان بوروندي الدولة الإفريقية لم ينجح فيها نظام الكوتا مع ارتفاع عدد النساء في هيئات صنع القرار في القضاء على عدم المساواة بين الرجال والنساء أو ممارسة المرأة لدور فعال بسبب ان نظام الكوتا لم يصاحبه تغيير في منظومة القيم الاجتماعية والثقافية والتي تعكس اصلا قيم ذكورية.
أثبتت الدراسات والأبحاث التي قام بها مركز دراسات مشاركة المراة العربية التابع لهيئة المرأة العربية أن اقرار( كوتا ) للمراة بتحديد نسبة قانونية ملزمة من المقاعد البرلمانية وفي المجالس البلدية والقروية هو امرا ضروريا فغالبية دول العالم تتبنى هذا الإجراء في الوقت الراهن وبالفعل قد حقق نتائج إيجابية في مدى تقبل المجتمع واعتياده على رؤية المرأة تناقش التشريعات وتسهم في بناء أوطانها.
توصيات التقرير :
يمكن القول ان قضية تعزيز مشاركة المراة ليست محصورة في أبعاد قانونية ودساتير وسياسات فحسب انما هي انعكاس لأوضاع اقتصادية واجتماعية وثقافية فتطور مسار مشاركة المراة أفقيا وعموديا وتمكينها مرتبط بجملة من السياسات العامة في مجال التعليم والصحة والعمل والاقتصاد وكذلك قوانين الاسرة وحقوق الانسان وديموقراطية المجتمع ومن ذلك لوحظ بان زيادة حجم تمثيل النساء في البرلمانات والمجالس البلدية والقروية له انعكاسات إيجابية على تحسين وعي المجتمعات وتطوير قيم الثقافة الاجتماعية السائدة باتجاه تقبل رؤية المرأة في مواقع صنع القرار.